تواجه الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عددا من المعيقات، سجلتها دراسة من مرصد العمل الحكومي، تتمثل في غياب رؤية استثمارية شاملة وموجهة، موضحة أن هناك نقصا واضح على مستوى السياسات الموجهة خصيصا لاستقطاب استثمارات الجالية المغربية بشكل منظم ومدروس.
وأضاف مرصد العمل الحكومي في ورقته البحثية المنجزة حول الجالية المغربية المقيمة بالخارج، أن هذا القصور يتمثل في غياب خطة واضحة تحدد القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية التي يمكن أن تشكل محركا للنمو، مردفا بغياب خريطة استثمارية تستعرض الفرص الواعدة في المناطق التي تعاني من التهميش أو التي تحتاج إلى دعم أكبر لتحقيق التنمية المستدامة.
ويؤدي هذا النقص، حسب ذات الورقة البحثية، إلى تشتت جهود واستثمارات الجالية، حيث يجد المغاربة المقيمون في الخارج أنفسهم أمام خيارات غير مهيكلة وغير مدروسة.
ويؤثر هذا المعطى سلبا على استثمارات الجالية، الأمر الذي يجعلها تتسم بالعشوائية أو تظل مقتصرة على قطاعات تقليدية كالخدمات والعقار، بدلا من استهداف قطاعات ذات قيمة مضافة عالية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، أو الصناعة التحويلية.
كما أن غياب رؤية استراتيجية، حسب المرصد، يضعف فرص توجيه هذه الطاقات نحو المشاريع التي تساهم في خلق فرص عمل مستدامة وتطوير البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب.
وأبرز المرصد، أن ضعف آليات التمويل والدعم، يتجسد هو الآخر كعائق من المعيقات التي تواجه الجالية، حيث إن أدوات التمويل المتوفرة حاليا تظل محدودة وغير قادرة على الاستجابة لتطلعات هذه الفئة المهمة.
وفي ذات السياق، أوضح المرصد أن صندوق MDM Invest، الذي أنشئ خصيصا لدعم مشاريع مغاربة العالم، لم يتمكن من تحقيق تأثير ملموس على أرض الواقع، موردا أنه ومنذ إطلاقه في عام 2002 وحتى عام 2022، لم تتجاوز عدد المشاريع التي دعمها 48 مشروعا، وهو رقم يعكس بوضوح محدودية نطاق تأثيره مقارنة بالإمكانات الاستثمارية الهائلة للجالية المغربية.
واعتبرت ذات الورقة البحثية، تعقيد الإجراءات الإدارية، من أبرز العوائق التي تواجه مغاربة العالم في مساعيهم للاستثمار بالمغرب، مبينة أنه غالبا ما تفرض على المستثمرين إجراءات طويلة ومعقدة، تتطلب تواجدهم الشخصي داخل البلاد لإتمامها، وهو أمر يشكل عبئا ماليا ولوجستيا كبيرا.
وأشارت في ذات الصدد، أن العديد من مغاربة العالم يجدون أنفسهم مضطرين للقيام برحلات متكررة إلى المغرب لإنجاز المعاملات الإدارية، مما يستهلك الوقت والجهد، ويؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الحماس لمواصلة الاستثمار أو تأجيله إلى أجل غير محدد.
وفيما يتعلق بالتحول الرقمي، فإن البنية الرقمية الموجهة خصيصا لمغاربة العالم ما زالت محدودة وغير كافية لتلبية احتياجاتهم الخاصة، فمعظم المنصات الإلكترونية المتوفرة لا توفر حلولا شاملة تتيح للمستثمرين المغاربة بالخارج إمكانية مباشرة إجراءاتهم الإدارية أو متابعة مشاريعهم عن بعد، تضيف الورقة.
وخلصت إلى أن العديد من الخدمات الرقمية المتوفرة تفتقر إلى التكامل بين مختلف المؤسسات، مما يخلق حلقات مفقودة تزيد من تعقيد المساطر وتعطل التنفيذ السريع للمشاريع.